mercredi 19 décembre 2012

احتفالات احتفالات


لقد دأبت خلال السنوات الاخيرة لحكم الدكتاتور بن علي على كتابة بعض السطور التي أصف فيها احتفالات السابع من نوفمبرو الاستعداد لها كلّما قرب التاريخ المشهود و ذلك على طريقتي الخاصة و ها أنا أجد نفسي للسنة الثانية على التوالي بعد رحيله  مجبرة على الكتابة  فيما يخصّ الاحتفالات بالثورة بنفس الطريقة فهاهو التاريخ يعيد نفسه في صورة أبشع . و قد كاد ذلك أن يكلّفني الضرب المبرح السنة الفارطة نعم نعم ففي تونس  الثورة يتنقّل شباب الثورة من سيدي بوزيد الى الرقاب ليثأروا منّي بعد أن كتبت مقالا على مدوّنتي اسمه :"سيدي بوزيد بعد عام الفرحة الحزينة"  دوّنت فيه مشاعري بعد ما رأيته من احتفالات فلكلورية على الطريقة النوفمبرية . نعم هبّ الابطال ليوسعوني ضربا و ليثبتوا رجولتهم و شهامتهم  بالاعتداء على حريتي في التعبيرو على جسدي المنهك المريض . نعم كتبت و أكتب عن أيّ احتفالات تتحدّثون؟ تلك التي تقرع فيها الطبول و ينتشر فيها المهرّجون  و تنشر لافتات الحزب الحاكم في كلّ مكان و يلبس الاطفال الملابس التقليدية و يستقبلون الرئيس في برنسه  ذاك الرئيس الذي يهوى الخرجات وسط الجماهير المصفّقة المطبّلة و المنافقة
تلك الاحتفالات التي تطلق فيها الشماريخ احتفالا بتعمّق المشاكل و يرقص فيها أصحاب السلطة على أجساد الكادحين و المهمّشين و البطّالين و المفقّرين و المعطّلين . فويحكم بماذا احتفلتم و بماذا تحتفلون؟ أبخراب البلاد و بتحوّلها  الى غابة بلا سلطة و لا قوانين تسعدون؟ أ بغلاء المعيشة و يعجز الناس على تلبية أبسط حاجياتهم الاساسية تسعدون؟ أعلى أجساد الجرحى و الجرحى ترقصون؟
انظروا الى تونس المغتصبة المسبية ألا تبصرون عيونها الدامعة الحزينة ألا ترون أنّنا الى الوراء سائرون؟ تونس حزينة , تونس تصرخ تستغيث و تبكي و تتألّم . تونس تنادي أبناءها لعلّهم يعقلون و من سباتهم العميق يستفيقون.انظروا تونس و قد غطّاها الغبار و انقطع تيّارها الكهربائي وانتشرت فيها  الأوساخ . انظروا الى اولئك الاطفال و المشرّدين الذين الارض يفترشون و بالنجوم يتغطّون . انظروا  الى ذلك العاطل عن العمل الذي واجه الرصاص بصدره العاري و الى اليوم لازال يقاسي . انظروا الى تلك المراة التي تسلّقت حائط وزارة الداخلية حالمة بحقّها في المساواة التامّة فصارت تنعت بالعورة و بناقصة العقل و الدين . انظروا الى تلك الامّ التي ضحّت بابنها و هي تتالّم لرؤية قاتله حرّا طليقا. و لا تنسوا من امتصّوا دماءنا لسنين و سنين فهاهم أحرار طليقين بعد أن حجّوا الى كعبة مونبليزير و تطهّروا من ذنوبهم بمباركة الشيخ الذي هلّ علينا من بريطانيا بابتسامته الصفراء . فعن أيّ عدالة انتقالية تتحدّثون و  بماذا تحتفلون؟
أ بتواصل عنف الشرطة أو بعنف غلاة الدين و تجّاره ؟أبتراجع الاقتصاد أم بتردّي أوضاع البلاد؟أبضرب الأدباء أم بالاعتداء على الفنانين و الرسامين و المسرحيين و السنمائيين؟
أبأبنائنا الذين يلقون أنفسهم وسط الامواج العاتية بعد أن تبخّرت أحلامهم أم باولئك الذين يموتون في السجون ؟
  احتفلوا و امرحوا و عانقوا الازرق بعد أن عانقتم  البنفسجي . صفّقوا و لا تكثروا حتى لا تغطّي البالونات أياديكم  افرحوا باغتصاب وطنكم و باستعمار جديد  و لكن تذكّروا أنّ التاريخ لم يرحم و لن يرحم .  


الاحد 16 ديسمبر 2012    

   . 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

مجرد رأي

نحن شعب لا يتعظّ من ماضيه و لا يحفظ دروس التاريخ و كأنّني بنا شعب قصير الذاكرة أو دعوني أقول معدوم الذاكرة. تستهوينا بعض عروض التهريج في مج...